ولكن هذه المرة من وجهة نظر فيزيولوجية داخل جسم الطائر
الإجهاد الحراري وتداعياته والمشاكل المتعلقة به وبعض الحلول
الدكتور : تميم الشحنة
مقدمة
في درجات الحرارة المرتفعة يزداد سلوك اللهاث عند الطيور نتيجة لكون جلد الطيور لا يمتلك غدد عرقية تساعد في عملية التنظيم الحراري لجسم الطيور
فيعتمد الطائر في عملية التنظيم الحراري على أمور و سلوكيات عديدة منها ما يبدو ظاهرا لنا ومنها ما تقوم به بعض أعضاء الجسم للمحافظة على التوازن الحراري ولكن بعض هذه الأمور لها تداعيات ضارة فلنتعرف عليها معا في هذا المقال
فالعرف والداليتين المميزين بلونهما الأحمر نتيجة التروية الدموية الغزيرة فيهما يعملان على تبريد الدم عن طريق تبريد الدم الذي يمر في أوعيتهما الدموية التي تكون على تماس مع الوسط الخارجي
أيضا للتخلص من الحرارة الزائدة يزداد سلوك اللهاث عند الطائر في محاولة للتخلص من الحرارة الزائدة
وبعض الأعضاء الداخلية تحاول المساهمة في عملية التنظيم الحراري هذه حيث تقوم الكلية بمحاولة الاحتفاظ بشوارد الهيدروجين H+ لتخفيف آثار الإجهاد الحراري
فلنتعرف على بعض المشاكل الناجمة عن الإجهاد الحراري وبعض الحلول التي يمكن تقديمها وكل ذلك بناء على نظرة فيزيولوجية بحتة
القلاء التنفسي
في درجات الحرارة العالية وعندما تبدأ الطيور باللهاث يميل الدم للقلوية حيث تسمى هذه الظاهرة بالقلاء التنفسي ويقسم القلاء التنفسي إلى حاد ومزمن حسب سرعة الحدوث
فالقلاء التنفسي الذي يحدث نتيجة الإجهاد الحراري هو قلاء تنفسي حاد
أما الذي يحدث عند زيادة عملية التنفس نتيجة ازدياد نسبة الأمونيا أو الغبار في العنبر أو نتيجة الاستسقاء الذي يحدث نتيجة قلة التهوية في العنابر أو كون العنابر في مناطق مرتفعة هو قلاء تنفسي مزمن
القلاء التنفسي Respiratory alkalosis وهو اضطراب سريري ناجم عن ارتفاع درجة الأس الهيدروجيني للدم PH نتيجة لزيادة التنفس مع انخفاض متزامن في مستويات ثاني أوكسيد الكربون عند الطيور مما يعني يميل الدم لأن يصبح قلوي وتنخفض حموضته
تؤثر عملية اللهاث على PH الدم حيث ان طرح كمية كبيرة من ثاني اوكسيد الكربون ذو الطبيعة الحامضية يجعل PH الدم مرتفعا مما يعني أن الدم أصبح قلويا
حيث يؤدي فرط التهوية فِي الحويصلات الهوائية إِلى انخِفاض الضغط الجزئي لغاز ثاني أُكسيد الكَربون ويصاحبه انخفاض في حمض الكربونيك في بلازما الدم
ببساطة حمض الكربونيك هو الحمض الناتج عن انحلال غاز ثاني أوكسيد الكربون في الماء
وأملاح حمض الكربونيك هي البيكربونات HCO3-
والكربونات Co3-
وحمض الكربونيك من الأحماض الضعيفة ويلعب دورا أساسيا في ضبط PH الدم
لماذا إضافة بيكربونات الصوديوم مهمة جدا في حالات الإجهاد الحراري
دعونا نفهم ذلك فيزيولوجيا
نتيجة الفقد الكبير الحاصل في غاز ثاني أوكسيد الكربون يقوم الجسم بعملية فيزيولوجية تدعى عملية التعويض الاستقلابي حيث يحاول الجسم تعويض ما تم فقده من غاز ثاني أوكسيد الكربون والماء وذلك من خلال تفكيك شاردة البيكربونات في الجسم
حيث تتحول أيونات الهيدروجين والبَيكربونات عن طريق حمض الكَربونيك (H2CO3) الذي يعمل كوسيط في التَفاعل لإنتاج المَزيد من ثاني أُكسيد الكربون حيث يحفز التَفاعل إنزيم الأنهيدراز الكربوني وفقاً للتفاعل التالي :
HCO3 + H 》H2CO3 》CO2 + H2O
يعتبر الانخفاض في تركيز أيونات الهيدروجين في الدورة الدموية النتيجة الصافية لهذا التفاعل حيث يؤدي هذا الانخفاض إلى زيادة الرقم الهيدروجيني PH وبالتالي نعود لنفس النقطة وهي ميل الدم للقلوية
وتفسير ذلك رياضيا كما يلي :
وبالتالي كلما زادت قيمة H شوارد الهيدروجين في المعادلة تنخفض قيمة PH وبالتالي الميل نحو الوسط الحمضي وبالعكس كلما نقصت قيمة H تزداد قيمة PH والاتجاه نحو الوسط القلوي
ان تفاعل بيكربونات الصوديوم حامضي اي وبمعنى آخر تفاعلها يحرر غاز ثاني اوكسيد الكربون
(نلاحظ هذا جيداً عند اضافتها للعجين في المخابز وصناعة المعجنات حيث ان تحرر غازco2 يعمل علي انتفاخ العجين).
وذلك حسب المعادلة التالية:
Na2co3+co2+H2o تفاعل عكوس 2NaHco3
انخفاض شاردة البيكربونات وإمكانية وضع بيض بقشرة رقيقة
حيث يكافئ كل انخفاض بِمقدار 10 ملم زئبقي في الضغط الجزئي لثاني أُكسيد الكَربون في الدم الشرياني هنالك انخِفاض مماثل بِمقدار 2 مل مكافئ/لتر في شاردة البيكربونات بِسَبب التَعويض الحاد
وذلك في حالات القلاء التنفسي الحاد الذي يحدث بشكل سريع
أما بالنسبة للقلاء التنفسي المزمن الذي يحدث ببطء يصبح لِكل انِخفاض بمقدار 10 ملم زئبقي في الضغط الجزئي لثاني أُكسيد الكَربون في الدم الشرياني هنالك انخفاض مماثل بِمقدار 5 مل مكافئ/لتر في شاردة البيكربونات
وإن اضافة بيكربونات الصوديوم تعمل على تصحيح هذا الخلل الحاصل وباضافتها نكون قد ساعدنا الطيور على عدم القيام بعملية التعويض الاستقلابي وخسارة شاردة البيكربونات من الجسم
حيث لخسارتها آثار مؤذية كثيرا وخاصة على تكوين قشرة البيضة فتصبح قشرة البيض رقيقة
قد تحدث ظاهرة تكزز الكالسيوم
لا يتوقف الأمر هنا فحسب فالقلاء التنفسي يسبب خلل في توازن شاردة الكالسيوم في الجسم مما قد ينجم عنه ظاهرة تكزز الكالسيوم
التي تحدثت عنها مسبقا
تكزز الكالسيوم هو عبارة عن مرض استقلابي في الدجاج خاصة امهات دجاج اللحم
و تشمل العوامل المسببة الإجهاد الحراري مع انخفاض استهلاك العلف واللهاث
تشمل الأعراض الشلل الذي يحدث نتيجة الاضطراب في زيادة استثارة الخلايا العصبية المرتبط عادة بنقص نسبة الكالسيوم في الدم
والموت بسبب فشل الجهاز التنفسي والقلب
يلاحظ على الدجاج النافق عند تشريحه ازرقاق الجسم واحتقان الرئتين وايضاً يلاحظ عند انثى الدجاج ظاهرة احتباس البيض أو انحشاره
الإسهالات نتيجة استهلاك كمية إضافية من مياه الشرب
عملية اللهاث التي تحاول الطيور من خلالها المحافظة على التوازن الحراري تؤدي لطرح كميات كبيرة من المياه عبر الجهاز التنفسي بالتالي يزداد استهلاك الطيور للمياه لتعويض الفقد للمياه من جسمها من جهة
ومن جهة أخرى يزداد استهلاكها للمياه لتخفيف الاجهاد الحراري الحاصل لها وخاصة عندما تكون درجة حرارة المياه أقل من درجة حرارة جسم الطيور وهذا ما يحصل في العنابر المجهزة جيدا
ينتج عن الاستهلاك الكبير للمياه اسهالات قد تكون شديدة فيجب التنبه لهذا الأمر لأهمية ما ينتج عن هذه الاسهالات من اختلال للتوازن الشوارد في الجسم
لماذا محلول الشوارد أو المحلول المضاد للتجفاف مهم في حالات الإجهاد الحراري
إذن وتكملة للحديث عن الشوارد واختلالها تقوم الكلية بمحاولة مهمة للتخفيف من آثار الإجهاد الحراري عن طريق محاولة تخفيض قيمة PH الدم وعودته للوسط المعتدل تقريبا بعد أن اتجه نحو القلوية
حيث وبالعودة إلى عملية التعويض الاستقلابي التي يحاول بها الجسم تعويض ما نقصه من ال CO2 تكون النتيجة الأساسية لهذه العملية هي انخفاض تركيز أيونات الهيدروجين في الدورة الدموية مما ينتج عنه ارتفاع قيمة PH وتحول الدم للقلوي
تكون آلية الكلية في محاولتها لمعادلة قلوية الدم هي عن طريق الاحتفاظ بشوارد الهيدروجين( فكل ما زادت شوارد الهيدروجين انخفضت قيمة PH) وعدم طرحها ولكن ذلك يقلل من التوازن بين شاردة الهيدروجين H وشاردة البوتاسيوم K وبالتالي زيادة افراز شاردة البوتاسيوم
طبعا وكما ذكرت في درجات الحرارة العالية ونتيجة الشرب الكبير للمياه يزداد اطراح المياه ولتحقيق ذلك الإطراح الزائد يجب تنظيم إفراز الصوديوم Na من خلال مستويات منخفضة من الألدوستيرون في الدم مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الصوديوم
لذلك ، أثناء ظروف الإجهاد الحراري ، يفقد الطائر كميات أعلى من الكميات العادية من Na + و K + (أيونات السوائل الرئيسية خارج الخلية وداخل الخلايا على التوالي). يمكن لتجديد هذه الأيونات أن يخفف الآثار السلبية للإجهاد الحراري .
ومن هنا تكمن أهمية إعطاء المحلول المضاد للتجفاف أو محلول الشوارد في محاولة لتلافي بعض الآثار السلبية الناتجة عن الإجهاد الحراري
تحميل كتاب إجهاد البرد والحرارة في الدجاج